نبذة عن المدينة
مدينة غزة من أقدم مدن العالم، اكتسبت أهمية بالغة نتيجة لموقعها الجغرافي الحساس عند ملتقى قارتي آسيا وإفريقيا، الذي منحها أهمية استراتيجية وعسكرية فائقة، فهي الخط الأمامي للدفاع عن فلسطين، بل والشام جميعها جنوباً. وكان لموقعها المتقدم دور عظيم في الدفاع عن العمق المصري في شمالها الشرقي، وجعلها ميدان القتال لمعظم الإمبراطوريات في العالم القديم والحديث، وهي: الفرعونية، والآشورية، والفارسية، واليونانية، والرومانية ثم الصليبية، وفي الحرب العالمية الأولى.
كما أن موقع مدينة غزة عند خط التقسيم المناخي، وعلى خط عرض (31.3) درجة شمال خط الاستواء جعلها تحتل الموقع الحدّي بين الصحراء جنوباً، ومناخ البحر المتوسط شمالاً، وعليه فهي بين إقليمين متباينين منحها ذلك دور "السوق" التجاري النابض بالمنتجات العالمية، الحارة والباردة منذ أقدم العصور.
عزّز هذا الموقع الهام موقعها المميز فوق تلة صغيرة ترتفع بنحو "45" متراً عن سطح البحر الذي تبتعد عنه نحو ثلاثة كيلومترات.
كانت غزة القديمة تحتل مساحة تقدر بنحو كيلو متر مربع فوق هذه التلة، يحيط بها سور عظيم له عدة أبواب من جهاته الأربعة، وكان أهمها: باب البحر أو باب "ميماس" نسبة لمينائها غرباً، وباب "عسقلان" شمالاً، و"باب الخليل" شرقاً، وأخيراً "باب الدورب"، باب "دير الروم" أو "الداروم" جنوباً. وقد اعترى هذه التسميات الكثير من التبدل وفقاً لاختلاف وتبدل الزمن والإمبراطوريات، وكانت هذه الأبواب تغلق مع غروب الشمس، مما جعلها حصينة مستعصية على أعدائها.
وجميع هذه العناصر القوية جعلت أجدادنا من العرب الكنعانيين الذين أسسوها قرابة الألف الثالثة قبل الميلاد يسمونها "غزة"، كما أطلق عليها هذا الاسم نفسه العرب المعينيون الذين سكنوها ولهم دورهم الفاعل في إنعاشها فيما قبل الميلاد، وتوطدت صلاتهم مع أهل غزة بفعل علاقات النسب والمصاهرة.
وأطلق عليها الفراعنة أيام "تحتمس الثالث" (1447-1501) قبل الميلاد "غزاتوه" وارتبط اسمها "بالكنز" الذي قيل بأن "قنبيز" قد دفنه أيام الفرس.
وبقي اسمها "غزة" خالداً دون تغيير أو تبديل، وأطلق عليه العرب "غزة هاشم"، حيث دفن بها جد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء إحدى رحلاته قبل الإسلام في نهاية القرن الخامس، وبداية القرن السادس الميلادي تقريباً. فلا غرابة والحالة هذه أن يطلق عليها "خليل الظاهري" لقب "دهليز الملك"، وأن يصفها "نابليون" بأنها بوابة آسيا ومدخل إفريقيا لتؤكد جميعها حساسية موقعها وأهميته.
نكبة 1948 والإدارة المصرية: (1948 - 1967)
شكّلت نكبة فلسطين عام 1948 نقطة تحوّل مفصلية، حيث تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. على إثر ذلك، تحوّلت غزة إلى ملاذ لأكثر من 200.000 لاجئ فلسطيني هُجّروا قسراً من مدنهم وقراهم الأصلية. هذا التدفق الهائل للاجئين ضاعف عدد سكان المدينة بشكل كبير؛ مما ساهم لاحقاً في تسمية المنطقة الجغرافية الصغيرة المكتظة بالسكان بـ "قطاع غزة".
خضعت غزة لإدارة مصرية بين عامي (1948 - 1967)، حيث بُذلت خلالها جهود حثيثة لتطوير البنى التحتية والخدمات الأساسية في ظل الضغط الديموغرافي الكبير والظروف الاقتصادية المضنية. تزامنت هذه الحقبة مع تلاحم بين الفصائل الفلسطينية الناشئة، وصراعها مع الاحتلال الإسرائيلي.
الاحتلال الإسرائيلي والانتفاضات: (1967 - 2000)
في يونيو 1967 م، احتلت إسرائيل قطاع غزة بالكامل خلال حرب الأيام الستة؛ لتباشر فرض هيمنتها العسكرية وتضييق الخناق على القطاع. خلال هذه الفترة، أقدمت إسرائيل على تأسيس مستوطنات عديدة داخل القطاع، وهو ما قوبل بمقاومة شعبية عارمة. من غزة بالذات، انبثقت شرارة الانتفاضة الأولى (1987 - 1993)، حيث باتت مهداً للمقاومة الشعبية.
وفي منتصف التسعينيات، أبرمت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو؛ ما أفضى إلى انسحاب إسرائيل جزئياً من أجزاء من القطاع، وتولّي السلطة الوطنية الفلسطينية الإدارة المدنية. إلا أن الأوضاع لم تشهد استقراراً، وتصاعد التوتر ليقود إلى الانتفاضة الفلسطينية "انتفاضة الأقصى" في عام 2000.
نفذت إسرائيل خطة "فك الارتباط" في عام 2005، وانسحبت من مستوطناتها في غزة، لكنها ما لبثت أن فرضت حصاراً مطلقاً على القطاع من البر والبحر والجو. محولةً إياه إلى سجن كبير. وفي عام 2007، عصف بالقطاع انقسام سياسي داخلي فاقم وعمّق من الأزمة الإنسانية والاقتصادية.
غزة في مواجهة الحروب
تعرض قطاع غزة ومنه مدينة غزة لععد من الاعتداءات الإسرائيلية ةالعدوان المتكرر ، أبرزها في 2008، 2012، 2014، 2021، بالإضافة إلى حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال في أكتوبر 2023 وما زالت تداعياتها قائمة حتى يومنا هذا عام 2025. هذه الإعتداءات خلفت دماراً غير مسبوق في البنيته التحتية ، وارتكبت فظائع بحق المدنيين، ودفعت إلى موجات نزوح داخلي. كما نجم عنها أزمة إنسانية كبيرة.
المصدر: مركز المعلومات الوطني الفلسطيني