حي الدرج

حي الدرج، وكان يسمى أيضا "حي بني عامر" و"البرجلية"، أحد أقدم أحياء قطاع غزة. يقع في قلب المدينة القديمة، ويضم آثارا غابرة من حضارات مختلفة مرت بالمنطقة وتركت فيه طابعا معماريا ميزه عن غيره من الأحياء.

كان حي الدرج يشكل جزءا رئيسيا من التل القديم الذي كان جزءا من غزة، وتنتشر فيه السلالم والأدراج التي أخذ اسمه منها.

ويتميز الحي بأسواقه القديمة ومنازله الأثرية وأحيائه الشعبية التي تزخر بالآثار التاريخية، لكنها تتعرض لسلسلة ممنهجة من الاستهدافات الإسرائيلية تمحو معالمها التراثية.

الموقع

يقع حي الدرج وسط مدينة غزة، ويمتد على مساحة 2432 دونما، ويحتل مساحة 8.8% من إجمالي مدينة غزة. ويضم عددا من الحارات، منها حارة السيد هاشم وحارة السدرة وحارة قرقش وحارة الفواخي ر وحارة بني عامر.

المعالم

قصر الباشا

بني قصر الباشا في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، وتأثر أيضا بالعمارة العثمانية، وسمي بقصر الباشا وقصر "آل رضوان"، وكان مقر حكم سلالتهم التي حكمت سنجق غزة (أحد سناجق ولاية دمشق في الدولة العثمانية والشام).

تغيرت وظيفة القصر مع بداية القرن الـ20 من مركز إدارة لحكم المدينة إلى مبنى للشرطة وسجن، ثم إلى مؤسسة تعليمية.

وتحول إلى متحف عام 2010 وخضع لأعمال ترميم مهمة عام 2015 أعادته إلى حالته الأصلية، وعرضت فيه قطع أثرية من حقب تاريخية مختلفة منها اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي القصر الأثري في ديسمبر/كانون الأول 2023 خلال عدوانه على غزة الذي بدأه في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى هدم أجزاء كبيرة منه وتحوله إلى خراب لم يشهده مند تشييده قبل 7 قرون.

حماماته وأسواقه الشعبية

يضم الحي عددا من الأسواق الشعبية بعضها اندثر، وبقيت أجزاء من معالمها، منها سوق "خان الكتان" وسوق الغلال، وأسواق ما تزال قائمة مثل سوق القيسارية المتاخم للجدار الجنوبي للجامع العمري الكبير، ويعود لفترة الحكم المملوكي، ويعرف أيضا باسم "سوق الذهب" ويتألف من شارع مسقوف بشكل مدبب، وعلى جانبيه محلات مسقوفة بأقبية متقاطعة.

ومن أبرز حماماته الأثرية المندثرة حمام السوق وحمام العسكر. وكانت شوارع الحي مسقوفة قديما، وكان يطلق عليها "السباط"، منها سباط المفتي الذي أزيل في ستينيات القرن الـ20.

حارة الفواخير

حارة تقع في الجهة الغربية من الحي، اشتهر أهلها بصناعة الفخار. وأيام الحكم الإسلامي بنيت فيها العديد من المساجد والزوايا والحمامات والمدارس والمكتبات.

كانت الحارة مكانا مقدسا لأهل غزة منذ العصر الوثني وحتى العهد الصليبي حين بنيت على أرضها كنيسة، فلما دخلها الإسلام طلب سكان الحارة من القائد عمرو بن العاص تحويل الكنيسة إلى مسجد سمي بالمسجد العمري الكبير.

سبيل السلطان عبد الحميد

ممر مائي لسقيا الناس، أنشئ أيام الحكم العثماني في القرن الـ16 على يد بهرام بك بن مصطفى باشا، وأطلق عليه أيضا سبيل الرفاعية بعد أن جدده رفعت بك، وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1318 هجرية جدد مجددا فأخذ اسمه.

المساجد الأثرية

يضم الحي عددا كبيرا من المساجد الأثرية والبارزة في القطاع، منها مسجد الوزيري وعدة مساجد أخرى منها:

الجامع العمري الكبير

أقدم المساجد وأعرقها في قطاع غزة، أسس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ويعد ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجد الأقصى ومسجد أحمد باشا الجزار.

كان معبدا في العصر الروماني ثم تحول إلى كنيسة، وبعد الفتح الإسلامي أصبح أكبر مسجد في قطاع غزة، ورممه المسلمون عدة مرات، منها على أيام سنجر السلحدار العلائي المنصوري عام 1297 ميلادي، ثم أمر محمد قلاوون بزيادة مساحته عبر بناء رواق جنوبي.

يقع في جنوب شرق ساحة فلسطين بجوار سوق القيسارية (سوق الذهب)، وسوق الزاوية الأثري. وتبلغ مساحته حوالي 4100 متر مربع، ومساحة فنائه 1190 مترا مربعا. ويتسع لأكثر من 3 آلاف مصل.

مسجد السيد هاشم

تبلغ مساحته 2400 متر مربع، ويصنف ضمن الجوامع الأثرية الفلسطينية، وقيل إن الجد الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف دفن في الزاوية الشمالية الغربية للمسجد، وقد سميت غزة سابقا باسم "غزة هاشم" نسبة إلى وجود قبر جد النبي عليه السلام فيها.

وتقول بعض الروايات إن هاشما ابن عبد مناف قد خرج للتجارة في الصيف فمات في غزة ودفن فيها، ثم أقيم له ضريح هناك، وفي عهد المماليك أنشؤوا مسجدا بجانب الضريح، وجدده السلطان عبد الحميد سنة 1850.

وفي عام 1903 أعيد ترميم قاعته الرئيسية بعد تصدعها وتشققها، وتمت توسعتها وإضافة الأروقة الشمالية والغربية لها.

وبعد زمن تعرضت منارة المسجد إلى خلل فجُدِّد بناؤها وعمِّر بجانبها مكان آخر للصلاة على مقربة من البناء الرئيسي وأصبح مقرا تقام فيه الصلاة وخطبة الجمعة.

جامع الشيخ زكريا

بني الجامع بأمر من ملك الأمراء السيفي كافل المملكة الغزية في القرن الخامس الهجري، ولم يبق من المسجد سوى مئذنته، وعلى بقاياه نقش في بلاطة كتب عليها "عمر هذا البيت المبارك إن شاء الله تعالى بأمر مولانا ملك الأمراء… السيفي كافل المملكة الغزية أعز الله أنصاره في شهر محرم سنة 410 هـ".

مسجد المغربي

بني في القرن التاسع الهجري، وصنع سقفه من جريد النخل، وكان يعرف باسم "مسجد السواد"، وجدد في القرن الـ13 الهجري.

أقام فيه الشيخ محمد المغربي واتخذه زاوية له، فسمي باسمه واشتهر به، ولما توفي عام 864 هـ دفن في مغارة كبيرة تحت إيوان، وبني قبر له بالساحة الخارجية يحمل تاريخ وفاته.

حي الدرج أسسه الكنعانيون وكان مدينة في الألفية الثالثة قبل الميلاد (شترستوك)

مسجد الشيخ خالد

يقع ضمن حارة الفواخير، أسس في القرن الثامن الهجري، وفيه قبر كتب فوقه "جدد هذا المكان المحتوي على ضريح ولي الله تعالى سيدنا الشيخ خالد المتوفى سنة 749 هـ.."، كما دفن فيه الشيخ جقماق جد أسرة جقماق (لم تعد موجودة) وإليه تنسب ساقية الجماقية.

مسجد الشيخ فرج

بني مسجدا صغيرا عام 1216 هجرية على يد أولاد محمد الخطاب، وهدم أيام النكبة عام 1948، وأنشأت عليه الأوقاف دكاكين وغرفا سكنية فلم تعد تقام فيه الصلوات.

الزاوية الأحمدية

ينسب إليها أتباع الطريقة الأحمدية الصوفية التي تعود لأحمد البدوي المتوفى في طنطا عام 675 هـ، أسسها أتباع البدوي في القرن الـ14 الميلادي، وتتميز بغرفتها وزواياها الست، فيها محراب وقبة عالية تلتف حول قاعدة أسطوانية.

وفي فنائها الخارجي قبر مصنوع من الرخام، دفنت فيه ابنة مؤسس الزاوية بهادر الجوكندار قطلو خاتون، وتوفيت في 23 ديسمبر/كانون الأول 1332 م.

quarter image